ومنهم ..أرى النور ..!

للتفاؤل والثقة ، 
أثرٌ فريد .. 


على كثير ٍ من تصرفات من يتعامل بهما .. ونحو إيجابيّة ملفتة .. يكون ذاك الأثر ,,


في مدينة الحبّ والبساطة ، مدينتي الأحساء ..
كنـّا نشق الطريق بسيارة والدي اتجاهاً لمزرعة جدي الغالي - رحمه الله تعالى - 
فـ  الأجواء كانت باردة ولذيذة ، بما يكفي لأن نصنع نزهة شتويّة لا تنسى ...
دخلنا في الطريق الترابي ، وبدأت تعرجات الطريق تزداد ، والغبار يثور ، مما دعانا لإغلاق نوافذ السيارة ..
حتى مرّ ذاك المزارع الذي أظنه في العقد السبعين ، كانت سيارته ( أم صندوق ) قديمة جداً .. وملابسه اعتراها الغبار والبساطة .. 
وسيارته تصدر صريراً تناغم مع ارتطامها المتكرر لتعرج الطريق ..
لكن ما لا أستطيع أن أنساه في صورة المرور ذاك .. هو وجه ذلك الرجل الهرم ..
كان قد فتح نافذته ويده اليسار بالخارج بينما ترك دفّة القيادة ليده اليمين ..
ووجه المتجعد احتوى ابتسامة خارقة ..اتسعت من شرق فمه لغربه .. تخرق قلب من يلقاه بهذه الهيأة .. 
وأسنانه قد سقطت كلياً تقريباً ولم يبق َ سوى اثنين من الأسنان على طرفيّ فمه ..
ويده تلوح إلينا عالياً .. ملقياً علينا تحيّة السلام ..
ايتسامته لوحدها ، جعلتنا نشعر بقدر سعادته .. بل جعلتنا نتيّقن أنه من السعداء حقاً ..
وفي ظني ، أنه كذلك ،،لسبب واحد ، 
كان ينظر إلى ابتسامته ثم إلى الناس وكيف يجعلهم مبتسمين مثله ، ولم يكن ينظر إلى ملابسه المهترأة أو سيارته القديمة أو أسنانه الساقطة ..
كان ينظر إلى جمال ٍ آخر .. جمال داخلي .. لا يمكن أن يتشوّه ..بتشوه ماديات الحياة .. بل هو باق ٍ ، ما بقيت الثقة والتفاؤل ..
ما بقيت ثقة أن الرزق بيد الله والتفاؤل بقدومه ..
ما بقيت ثقة أن الصحة والأولاد نعمة والتفاؤل أن الخالق سيبارك فيها ويحفظها بإذنه سبحانه .. 
حقاً من ابتسامته الخالصة تلك ، رأيت ُ النور .. على الكثير من معاني السعادة والثقة والتفاؤل ..
وأنه ما من تغرب الشمس من الغرب حتى تلبث أن تشرق من الشرق ... لتبعث النور من جديد ..